حركة "طلعت ريحتكن" ترعب الأخطبوط السياسي القابض على خناق اللبنانيين منذ أجيال
أغلق مكب النفايات الرئيسي في لبنان أبوابه الشهر الماضي دون توفير بديل، مما أدى إلى تكدس أكوام القمامة في شوارع العاصمة اللبنانية. وإزاء هذا المشهد المخجل الذي عكس رداءة السلطة السياسية الحالية في لبنان وفشلها في تولي شرف قيادة الأمّة اللبنانيّة، إنطلقت إحتجاجات شعبية سرعان ما تطورت لتشمل مطالب أوسع متعلقة بمكافحة الفساد وبالتنديد بالطبقة السياسية بأكملها في البلاد.
وخرج اللبنانيون للتظاهر في ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء خلال الأسبوعين الماضيين، حيث أطلقت الشرطة اللبنانية الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه وأعيرة نارية في الهواء لتفريق آلاف المحتجين في بيروت الذين كانوا يطالبون باستقالة الحكومة بسبب سوء تعاملها مع الأزمة، وأغلقت الشرطة وقوات الأمن وسط العاصمة وطوقت البرلمان والمباني الحكومية لإحباط الإحتجاجات. وتصاعدت حدة الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين، وسط ارتفاع أعداد المصابين من الطرفين، نتيجة إلقاء الأمن للقنابل المسيلة للدموع بشكل كثيف وضرب المعتصمين بالعصي. وطاردت قوات الأمن اللبنانية عددا من مثيري الشغب، الذين وصفوا من قبل منظمي الإحتجاجات بالمندسّين المسيئين إلى صورة التحرّك الشعبي السلمي، الذين حاولوا تخريب الحاجز الشائك الذي يحمي مقر الحكومة، كما قاموا بإلقاء القناني والالعاب النارية على الشرطة مما حدا بالاخيرة الى الرد باستخدام العيارات المطاطية وخراطيم المياه. وذكرت منظمة العفو الدولية نقلا عن بيانات من الصليب الأحمر أن 343 شخصا عولجوا من إصابات وإن 59 آخرين نقلوا للمستشفى بعد الاحتجاجات الأسبوع الماضي.
هذا وفشلت الحكومة اللبنانية يوم الثلاثاء الماضي في التوصل إلى اتفاق لحل مشكلة القمامة، قائلة إن الاسعار التي تطالب بها الشركات الخاصة مرتفعة جدا.
ودعت جمعيات مدنية اللبنانيين إلى التظاهر مساء أمس السبت تحت شعار "طلعت ريحتكم"، في إشارة إلى السياسيين اللبنانيين الحاليين الممسكين بالسلطة في لبنان، وشارك الآلاف من اللبنانيين في المسيرة التي خرجت بعد ظهر السبت في العاصمة بيروت. وانطلقت المسيرة من أمام وزارة الداخلية حيث طالب المشاركون بمحاسبة المسؤولين عن العنف الذي واجهت به القوى الأمنية متظاهرين في تحركات الأيام السابقة. واجتمع المشاركون في التظاهرة في ساحة الشهداء وسط بيروت حيث القى المنظمون بيانا مشتركا حددوا فيه أهداف تحركهم وأمهلوا الحكومة 72 ساعة للإستجابة لمطالبهم. وتوجه عدد من الشبان إلى ساحة رياض الصلح إثر انتهاء المسيرة، وأقدموا على رشق زجاجات مياه فارغة وحجارة باتجاه القوى الأمنية المنتشرة قرب السراي الحكومي، كما عمدوا إلى إشعال نار قرب الأسلاك الشائكة ثم اجتيازها. وأعلنت قوى الأمن توقيف 10 أشخاص بعد أعمال الشغب في ساحة رياض الصلح السبت وإصابة عنصرين لقوى الأمن بجروح طفيفة. وخرج الآلاف من اللبنانيين للتظاهر مساء السبت، في شوارع بيروت ملوحين بالأعلام اللبنانية ومرددين كلمة ''ثورة'' لأول مرة بعيدا عن أي تنظيمات سياسية أو أحزاب.
ووسط اتهامات لحزب الله بالوقوف خلف من وصفوا بالمندسّين، بعد أن حمل بعض منهم وردد شعارات مؤيدة للحزب، حاول سياسيو لبنان ركوب موجة الإحتجاجات أو استغلال وسرقة التحرك، فأعلن بعض الوزراء وقوفهم مع المتظاهرين ودعمهم المطالب الشعبية، إلا أن ذلك لم يقابله استقالة أي وزير. هذا وأقدمت مجموعة من حزب الله على رأسها مسؤول من الحزب على إرغام المؤسسة اللبنانية للإرسال والإعلامية ديما صادق على وقف بث برنامج تلفزيوني كانت تقدمه صادق في ساحة الشهداء، وإزالة صورة يظهر فيها أمين عام الحزب حسن نصرالله كان معدو البرنامج قد وضعوها على لوحة خشبية مع صورا للقادة السياسيين كمتهمين بالفساد وكطقم سياسي يجب التخلص منه. وحذرت وتوعدت مجموعة حزب الله، بعد أن وصلت إلى مكان البث، متهمةً المحطة وصادق، التي انتقدت هذا التصرف، بالعمالة وقبض الأموال من جهات خارجية.
هذا وقابل التحرّك الشعبي اللبناني الداخلي تحرّكات للّبنانيين في بلدان الخارج ووقفات تضامنية وشعارات مؤيدة لحملة "طلعت ريحتكن"، وقد نشر موقع ديلي ميل البريطاني مقالاً مرفق بفيديو وصور عكس من خلاله الغضب الشعبي في الشارع اللبناني، أما موقع Huffingtonpost فاعتبر الشباب اللبناني لامعاً وذكياً باختيار اسم حراكه. وقد نشر موقع ABC الأميركي الحوادث في الداخل اللبناني بالصور والتغطية، واصفاً الحشود بالتاريخية.